آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...


معراج التشوف إلى حقائق التصوف لابن عجيبة الحسني بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما الحمد لله الذي حقق الحقائق وأوضح الطرائق والصلاة والسلام على مولانا محمد سيد الخلائق. المخصوص بتواتر المعجزات وتظاهر الخوارق. ورضي الله تعالى عن أصحابه الأعلام الذين أظهر الله بهم دينه القويم في أقصى المغارب والمشارق. وبعد: فعلم التصوف هو سيد العلوم ورئيسها ولباب الشريعة وأساسها وكيف لا وهو تفسير لمقام الإحسان الذي هو مقام الشهود والعيان. كما أن علم الكلام تفسير لمقام الإيمان. وعلم الفقه تفسير لمقام الإسلام. وقد اشتمل حديث جبريل عليه السلام على تفسير الجميع. فإذا تقرر أنه أفضل العلوم تبين أن الاشتغال به أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى لكونه سببا للمعرفة الخاصة الذي هي معرفة العيان. وقد اشتمل على حقائق عريقة وعبارات دقيقة اصطلح القوم على استعمالها فينبغي الوقوف على معانيها لمن أراد الخوض فيه والوقوف على معانيه. وقد أردت بحول الله وقوته أن أجمع نبذة صالحة من حقائق هذا الفن واصطلاحاته لعل الله ينفع من يريد الوقوف على هذا العلم. وسميته: معراج التشوف إلى حقائق التصوف وبالله التوفيق وهو الهادي إلى سواء الطريق وسأذكر لكل حقيقة ما يتعلق بها بداية ووسطا ونهاية. التصوف: علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك أو غيبة الخلق في شهود الحق أو مع الرجوع إلى الأثر. في أوله علم ووسطه عمل وآخره موهبة.
واشتقاقه إما من الصفاء لأن مداره على التصفية أو من الصفة. لأنها تصاف بالكمالات أو من صفة المسجد النبوي لأنهم مشبهون بأهل الصفة في التوجه والانقطاع أو من الصوف لأن جل لباسهم الصوف تقللا من الدنيا وزهدا فيها. اختاروا ذلك لأنه كان لباس الأنبياء عليهم السلام. وهذا الاشتقاق أنسب إليه لغة وأظهر نسبة. لأن لباس الصوف حكم ظاهر على الظاهر ونسبتهم إليه أمر باطن والحكم بالظاهر أوقف وأقرب. يقال: تصوف إذا لبس الصوف. كما يقال: تقمص إذا لبس القميص. والنسبة إليه صوفي. قال سهيل: الصوفي من صفا من الكدر وامتلأ من الفكر وانقطع إلى الله من البشر واستوى عنده الذهب والمدر، أي لا رغبة له في شيء دون مولاه (وفي مثل هذا قيل: ليس التصوف لبس الصوف ترقعة ** ولا بكاؤك إذ غنا المغنون بل التصوف أن تصفوا بلا كدر *** وتتبع الحق والقرآن والدين) الجنيد: الصوفي كالأرض يطرح عليها كل قبيح ولا يخرج منها إلا المليح. وقال أيضا: الصوفي كالأرض يطأها البر والفاجر وكالسماء يظل كل شيء وكالمطر يسقي كل شيء.
التوبة: الرجوع عن كل فعل قبيح إلى كل فعل مليح. أو عن كل وصف دني إلى التحقيق بكل وصف سني. أو عن شهود الخلق إلى الاستغراق في شهود الحق. وشروطها: الندم والانقطاع ونفي الإصرار وأما رد المظالم ففرض مستقل تصح بدونه كما تصح من ذنب مع الإصرار على آخر من غير نوعه. فتوبة العامة: م الذنوب وتوبة الخاصة: من العيوب. وتوبة خاصة الخاصة: من كل ما يشغل السر عن حضرة علام الغيوب. وكل المقامات تفتقر إلى التوبة. فالتوبة تفتقر إلى توبة أخرى بعدم نصحها والخوف يفتقر إليها بحصول الأمن والاغترار والرجى بحصول القنوط والإياس والصبر بحصول الجزع والزهد بخواطر الرغبة والورع بتتبع الرخص وخواطر الطمع والتوكل بخواطر التدبير والاختبار والاهتمام بالرزق والرضا والتسليم بالكراهية والتبري عند نزول الأقدار والمراقبة بسوء الأدب في الظاهر وخواطر السوء في الباطن والمحاسبة بتضييع الأوقات في غير ما يقرب إلى الحق والمحبة بميل القلب إلى غير المحبوب والمشاهدة بالتفات السر إلى غير المشهود أو باشتغاله بالوقوف مع شئ من الحس وعدم زيادة الترقي في معارج الأسرار ولذ1لك كان عليه الصلاة والسلام يستغفر في المجلس الواحد سبعين مرة أو مائة. والتوبة النصوح يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان والإقلاع بالأبدان وعدم الإسرار بالجنان ومهاجرة لسيئ الخلان. وقال سفيان الثوري: علامة التوبة النصوح أربعة: القلة والعلة والذلة والغربة. الإنابة: وهي أخص من التوبة لأنها رجوع يصحبه انكسار ونهوض إلى السير. وهي ثلاث: رجوع من الذنب إلى التوبة ومن الغفلة إلى اليقظة ومن الفرق إلى الجمع على الله. الخوف: انزعاج القلب من لحوق مكروه أو فوت مرغوب وثمرته النهوض إلى الطاعة والهروب من المعصية فإظهار الخوف مع التقصير دعوى فخوف العامة: من العقاب وفوت الثواب وخوف الخاصة: من العتاب وفوت الاقتراب. وخوف خاصة الخاصة: من الاحتجاب بعروض سوء الأدب.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

المعرفة